وفي {طه} قراءات. قرأ ابن كثير، وابن عامر: {طَهَ} بفتح الطاء والهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: بكسر الطاء والهاء. وقرأ نافع: {طه} بين الفتح والكسر، وهو إِلى الفتح أقرب؛ كذلك قال خلف عن المسيّبي. وقرأ أبو عمرو: بفتح الطاء وكسر الهاء، وروى عنه عباس مثل حمزة. وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين العقيلي، وسعيد بن المسيب، وأبو العالية: بكسر الطاء وفتح الهاء. وقرأ الحسن: {طَهْ} بفتح الطاء وسكون الهاء. وقرأ الضحاك، ومورِّق: {طِهْ} بكسر الطاء وسكون الهاء.واختلفوا في معناها على أربعة أقوال.أحدها: أن معناها: يا رجل، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة؛ واختلف هؤلاء بأيِّ لغة هي، على أربعة أقوال.أحدها: بالنبطيّة، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير في رواية، والضحاك.والثاني: بلسان عكّ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.والثالث: بالسريانية، قاله عكرمة في رواية، وسعيد بن جبير في رواية، وقتادة.والرابع: بالحبشية، قاله عكرمة في رواية. قال ابن الأنباري: ولغة قريش وافقت هذه اللغة في المعنى.والثاني: أنها حروف من أسماء. ثم فيها قولان:أحدهما: أنها من أسماء الله تعالى. ثم فيها قولان:أحدهما: أن الطاء من اللطيف، والهاء من الهادي، قاله ابن مسعود، وأبو العالية.والثاني: أن الطاء افتتاح اسمه طاهر وطيِّب والهاء افتتاح اسمه هادي قاله سعيد بن جبير. والقول الثاني: أنها من غير أسماء الله تعالى. ثم فيه ثلاثة أقوال.أحدها: أن الطاء من طابة، وهي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والهاء من مكة، حكاه أبو سليمان الدمشقي. والثاني: أن الطاء: طرب أهل الجنة، والهاء: هوان أهل النار.والثالث: أن الطاء في حساب الجُمل تسعة، والهاء خمسة، فتكون أربعة عشر. فالمعنى: يا أيها البدر ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، حكى القولين الثعلبي.والثالث: أنه قَسَم أقسم الله به، وهو من أسمائه، رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس.وقد شرحنا معنى كونه اسماً في فاتحة مريم. وقال القرظي: أقسم الله بطَوْله وهدايته؛ وهذا القول قريب المعنى من الذي قبله.والرابع: أن معناه: طأِ الأرض بقدميك، قاله مقاتل بن حيان. ومعنى قوله: {لتشقى}: لتتعب وتبلغ من الجهد ما قد بلغتَ، وذلك أنه اجتهد في العبادة وبالغ، حتى إِنه كان يراوح بين قدميه لطول القيام، فأُمر بالتخفيف.قوله تعالى: {إِلاّ تَذْكِرَةً} قال الأخفش: هو بدل من قوله: {لتشقى} ما أنزلناه إِلا تذكرةً، أي: عظةً.قوله تعالى: {تنزيلاً} قال الزجاج: المعنى: أنزلناه تنزيلاً، و{العُلى} جمع العُلَيا، تقول: سماء عُلْيا، وسماوات عُلَى، مثل الكُبرى، والكُبَر. فأما {الثرى} فهو التراب النديّ. والمفسرون يقولون: أراد الثرى الذي تحت الأرض السابعة.قوله تعالى: {وإِن تجهر بالقول} أي: ترفع صوتك {فإنه يعلم السِّرَّ} والمعنى: لا تجهد نفسك برفع الصوت، فإن الله يعلم السرّ. وفي المراد ب {السِّرَّ وأخفى} خمسة أقوال.أحدها: أن السرّ: ما أسره الإِنسان في نفسه، وأخفى: ما لم يكن بَعْدُ وسيكون، رواه جماعة عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.والثاني: أن السرّ: ما حدَّثتَ به نفسك، وأخفى: ما لم تلفظ به، قاله سعيد بن جبير.والثالث: أن السرّ: العمل الذي يُسِرُّه الإِنسان من الناس، وأخفى منه: الوسوسةُ، قاله مجاهد.والرابع: أن معنى الكلام: يعلم إِسرار عباده، وقد أخفى سرَّه عنهم فلا يُعْلَم، قاله زيد بن أسلم، وابنه.والخامس: يعلم ما أسرَّه الإِنسان إِلى غيره، وما أخفاه في نفسه، قاله الفراء.قوله تعالى: {له الأسماء الحسنى} قد شرحناه في [الأعراف: 180].